ولع باللذة الآفلة
بزهر الأشواك قرب المدفن
بنعاس في مقعد الحافلة الخلفي
بمنبه عاطل في الذاكرة
بسعير في شفتها السفلى
ما يوقظني هذه اللحظة
لأكتب قصيدة
**********
لن أشير إلى حزني الرهيف
ولا إلى بنت الجيران
التي جعلت من سطح بيتي حديقة
ولا إلى طعم البخور في المساء
لن أشير
إلى رائحة الكسوة صباح العيد
ولا إلى
صمت المعبد المهجور
وقصة "عذراء للبيع"
التي أينعت شهوتي
أنهض الآن
لأكتب قصيدة
تتولى هي وحدها
نبش الذاكرة
كمتشرد يبحث في ركام القمامة
عن شيء لا يعرفه
**********
بكل امتنان
للتبغ الذي يشاركني هواء غرفتي
للموسيقى الصاخبة
في عرس الجيران
للباب الذي لم يُطرق حتى الآن
ولجوالي الصامت كفأر ميت
للشبك البلاستيكي المضاد للبعوض
لفنجان القهوة الباردة
وللفرح الذي يداهمني الآن كذكرى قديمة
بكل امتنان للقلم الجاف
والضوء المتسرب من النافذة
أدخل قصيدتي
الخجولة
كبنت ترى لأول مرة فحلها
ليلة الدخلة
بكل امتنان لهذا الخواء
أكتب الآن أشياءاً
لا تعني أحد
**********
يتهمني البعض بالكفر
وبعض أكثر حناناً
ينعتني زير نساء
بعض لا أعرفه
يكيل لي المديح الفاتن
وبعض تقيٌّ
يتهمني بالبداوة
سأكتفي الآن
بلؤم الغاويات
يتهمنني بالذئب
وأقترح قصيدتي
التي تمشي على رؤوس قدميها
صوب سرير العازبة
**********
قصيدتي الفاقعة الظلال
سألونها كما يشاء
المؤمنون بضلال الشعر
من حاكموا مجازي
واتهموا استعارتي بالكفر
وحنيني بالبداوة
واعتناقي الأنوثة
بالمجون
**********
دون أن تخدش حياء الشارع
تمشي مطأطئة الرأس
ودون أن تلقي تحية الإسلام على أحد
أو تسرق النظر إلى كاحل امرأة
تصعد الدرج المرمري
دون أن تتذكر رائحة الحبق
في ثياب أبي
أو تلعب بملامحها أمام المرآة
دون أن تبتز كائنات الذاكرة
أو تلتفت إلى الضحكة خلفها
ستمضي قصيدتي صوب الخلاء
ككلب ينبح اللاشيء
في ليل شتائي مطبق العتمة
**********
أصبغ أظافرها بلون ليلكي
أمر على شفاهها بقلم أحمر
وبقلم أسود نحيل
أرسم حاجبيها
أنتف شعر ساقيها
أطعم الكحل أهدابها
أرش أبطيها بمزيل العرق
وأطلق الريح الساخنة في شعرها المجعد
أرخي ظلا شفقياً على أجفانها
وأطلقها قصيدتي بفستان وردي
تؤرجح ردفيها
على رصيف مزدحم
كبنت هوى
تتسوق في يوم أجازتها
**********
كأن سياقاً غابرا
تسرب إلى قصيدتي
أفتح الغوغل واكتب : (سرير العازبة)
لا شيء
سوى (سرير الغريبة) لدرويش
حسناً
رائحة أليفة
لا تكفي لتهمة أخرى
فالغريبة قد لا تكون عازبة
مع أن العازبة دائما غريبة
أمضي بقصيدتي
دون أن أحتاج إلى هامش
شاكرا الغوغل
على كل شيء
**********
مع أني مرتبك حد التلعثم
وكثير التردد على سوق الخضار
مع أني لا أملك أحيانا قوت يومي
وغير مطلع جاد على الفلسفة
مع أني خائف من بكرى
وغير قادر على السفر بعائلتي
في رحلة استجمام
مع أني متابع جيد لنشرات الطقس
وأدافع عن القصيدة النثرية
في ندوات حول التنمية
مع أني سأملك بيتي بعد أربعين عاما
إلا أني ثري بقصائد
لا تسمن ولا تغني من جوع
أحس أني ملك مخبول
حين أغزو اللغة في عقر دارها
وأصغي بأذن ثالثة لصفيرها
في قعر الروح
**********
مثلما في الذرة البكماء
يقرر الإلكترون
أن يطير من مدار إلى مدار
مثلما
يتجاسر النمل عل خف ناقة
مثلما يحدق الصوفي
في سديم الرغبة
مثلما أخفي كآبتي بورق السلوفان
تتسكع القصيدة
في وهمها المكتنز
تتكاثر
- كالسلاحف - مجهولةَ النسب
تُقطّر البلسم في عينيها
كي تهش الشبهة عن بهجتها
وتزغرد بملء حنجرتها
في مشرحة المعنى .
**********
لأنها قانصة الكوابيس البارعة
ورائقة المزاج
لأنها وثيرة كالماء
ومهندسة للخيال الحصيف
لأنها مشغولة عني بنئيج الريح
في برد النساء
ولأنها
القصيدة كلها
يحق لقصيدتي
أن تسجد على قبة ركبتها البيضاء
وتبكي
كطفلة
ذبلت في قدميها الحناء
**********
خطر على بالي
وأنا أبحث عن مقهى شعبي
في مراكش أنَّ :
النورَ وطن الظل
الريبةَ وطن السؤال
المعنى وطن الالتباس
السعادةَ وطن الخوف
العتمةَ وطن اللذة
ولا وطن
للقصيدة
**********
وأن :
البهجةَ زمن العطر
الرجفةَ زمن القبلة
اللوحةَ زمن اللون
ولا زمن
للشهوة
**********
اسمعني جيدا
ما أقوله ليس بالضرورة
هو ما تسمعه
لا تجب عن سؤالي
قبل أن أغادره .
دون ضغينة
أعطي بظهرك للمعنى
وعانق عفاريت الكلام
ودع سوء الفهم
مساقة بيننا
لنلتقي ثانية
*********
مضحك هذا التاريخ
الواثق من أوثانه
يتبختر في المكتبات
وفي أشداق المعلمين
مضحك
مذ كانت أمجاده المكتوبة
على السبورة السوداء
تحيلها اسفنجة
إلى غبار
**********
معلم الأحياء القدير
من كان يُشرّح الفراشة
بأصابع مرتعشة
لم يَشْرح ، ولا مرة ،
سر كرنفالها اللوني
ولا
ذاكرة الرحيق
التي تتقوض بين يديه
**********
نسيت أن أقول
في المقهى الشعبي
في مراكش
اكتشفت أيضاً
أن لا وطن
لي
**********
تأخرت يا وطني المبجل
انتظرك منذ قرون
على ناصية المقهى
مر متسول يشبهك .
مر حصان يجر عربة سواح
يشبهك .
وعكاز يقود أعمى يشبهك .
مرت بنت هوى
بجورب شفقي تشبهك
وسحابة دخان مرت
تشبهك .
انتظرك يا وطني منذ زمن
حتى صارت الأشباح
تشبهك .
سالم العوكلي
28 / 7 / 2009
بزهر الأشواك قرب المدفن
بنعاس في مقعد الحافلة الخلفي
بمنبه عاطل في الذاكرة
بسعير في شفتها السفلى
ما يوقظني هذه اللحظة
لأكتب قصيدة
**********
لن أشير إلى حزني الرهيف
ولا إلى بنت الجيران
التي جعلت من سطح بيتي حديقة
ولا إلى طعم البخور في المساء
لن أشير
إلى رائحة الكسوة صباح العيد
ولا إلى
صمت المعبد المهجور
وقصة "عذراء للبيع"
التي أينعت شهوتي
أنهض الآن
لأكتب قصيدة
تتولى هي وحدها
نبش الذاكرة
كمتشرد يبحث في ركام القمامة
عن شيء لا يعرفه
**********
بكل امتنان
للتبغ الذي يشاركني هواء غرفتي
للموسيقى الصاخبة
في عرس الجيران
للباب الذي لم يُطرق حتى الآن
ولجوالي الصامت كفأر ميت
للشبك البلاستيكي المضاد للبعوض
لفنجان القهوة الباردة
وللفرح الذي يداهمني الآن كذكرى قديمة
بكل امتنان للقلم الجاف
والضوء المتسرب من النافذة
أدخل قصيدتي
الخجولة
كبنت ترى لأول مرة فحلها
ليلة الدخلة
بكل امتنان لهذا الخواء
أكتب الآن أشياءاً
لا تعني أحد
**********
يتهمني البعض بالكفر
وبعض أكثر حناناً
ينعتني زير نساء
بعض لا أعرفه
يكيل لي المديح الفاتن
وبعض تقيٌّ
يتهمني بالبداوة
سأكتفي الآن
بلؤم الغاويات
يتهمنني بالذئب
وأقترح قصيدتي
التي تمشي على رؤوس قدميها
صوب سرير العازبة
**********
قصيدتي الفاقعة الظلال
سألونها كما يشاء
المؤمنون بضلال الشعر
من حاكموا مجازي
واتهموا استعارتي بالكفر
وحنيني بالبداوة
واعتناقي الأنوثة
بالمجون
**********
دون أن تخدش حياء الشارع
تمشي مطأطئة الرأس
ودون أن تلقي تحية الإسلام على أحد
أو تسرق النظر إلى كاحل امرأة
تصعد الدرج المرمري
دون أن تتذكر رائحة الحبق
في ثياب أبي
أو تلعب بملامحها أمام المرآة
دون أن تبتز كائنات الذاكرة
أو تلتفت إلى الضحكة خلفها
ستمضي قصيدتي صوب الخلاء
ككلب ينبح اللاشيء
في ليل شتائي مطبق العتمة
**********
أصبغ أظافرها بلون ليلكي
أمر على شفاهها بقلم أحمر
وبقلم أسود نحيل
أرسم حاجبيها
أنتف شعر ساقيها
أطعم الكحل أهدابها
أرش أبطيها بمزيل العرق
وأطلق الريح الساخنة في شعرها المجعد
أرخي ظلا شفقياً على أجفانها
وأطلقها قصيدتي بفستان وردي
تؤرجح ردفيها
على رصيف مزدحم
كبنت هوى
تتسوق في يوم أجازتها
**********
كأن سياقاً غابرا
تسرب إلى قصيدتي
أفتح الغوغل واكتب : (سرير العازبة)
لا شيء
سوى (سرير الغريبة) لدرويش
حسناً
رائحة أليفة
لا تكفي لتهمة أخرى
فالغريبة قد لا تكون عازبة
مع أن العازبة دائما غريبة
أمضي بقصيدتي
دون أن أحتاج إلى هامش
شاكرا الغوغل
على كل شيء
**********
مع أني مرتبك حد التلعثم
وكثير التردد على سوق الخضار
مع أني لا أملك أحيانا قوت يومي
وغير مطلع جاد على الفلسفة
مع أني خائف من بكرى
وغير قادر على السفر بعائلتي
في رحلة استجمام
مع أني متابع جيد لنشرات الطقس
وأدافع عن القصيدة النثرية
في ندوات حول التنمية
مع أني سأملك بيتي بعد أربعين عاما
إلا أني ثري بقصائد
لا تسمن ولا تغني من جوع
أحس أني ملك مخبول
حين أغزو اللغة في عقر دارها
وأصغي بأذن ثالثة لصفيرها
في قعر الروح
**********
مثلما في الذرة البكماء
يقرر الإلكترون
أن يطير من مدار إلى مدار
مثلما
يتجاسر النمل عل خف ناقة
مثلما يحدق الصوفي
في سديم الرغبة
مثلما أخفي كآبتي بورق السلوفان
تتسكع القصيدة
في وهمها المكتنز
تتكاثر
- كالسلاحف - مجهولةَ النسب
تُقطّر البلسم في عينيها
كي تهش الشبهة عن بهجتها
وتزغرد بملء حنجرتها
في مشرحة المعنى .
**********
لأنها قانصة الكوابيس البارعة
ورائقة المزاج
لأنها وثيرة كالماء
ومهندسة للخيال الحصيف
لأنها مشغولة عني بنئيج الريح
في برد النساء
ولأنها
القصيدة كلها
يحق لقصيدتي
أن تسجد على قبة ركبتها البيضاء
وتبكي
كطفلة
ذبلت في قدميها الحناء
**********
خطر على بالي
وأنا أبحث عن مقهى شعبي
في مراكش أنَّ :
النورَ وطن الظل
الريبةَ وطن السؤال
المعنى وطن الالتباس
السعادةَ وطن الخوف
العتمةَ وطن اللذة
ولا وطن
للقصيدة
**********
وأن :
البهجةَ زمن العطر
الرجفةَ زمن القبلة
اللوحةَ زمن اللون
ولا زمن
للشهوة
**********
اسمعني جيدا
ما أقوله ليس بالضرورة
هو ما تسمعه
لا تجب عن سؤالي
قبل أن أغادره .
دون ضغينة
أعطي بظهرك للمعنى
وعانق عفاريت الكلام
ودع سوء الفهم
مساقة بيننا
لنلتقي ثانية
*********
مضحك هذا التاريخ
الواثق من أوثانه
يتبختر في المكتبات
وفي أشداق المعلمين
مضحك
مذ كانت أمجاده المكتوبة
على السبورة السوداء
تحيلها اسفنجة
إلى غبار
**********
معلم الأحياء القدير
من كان يُشرّح الفراشة
بأصابع مرتعشة
لم يَشْرح ، ولا مرة ،
سر كرنفالها اللوني
ولا
ذاكرة الرحيق
التي تتقوض بين يديه
**********
نسيت أن أقول
في المقهى الشعبي
في مراكش
اكتشفت أيضاً
أن لا وطن
لي
**********
تأخرت يا وطني المبجل
انتظرك منذ قرون
على ناصية المقهى
مر متسول يشبهك .
مر حصان يجر عربة سواح
يشبهك .
وعكاز يقود أعمى يشبهك .
مرت بنت هوى
بجورب شفقي تشبهك
وسحابة دخان مرت
تشبهك .
انتظرك يا وطني منذ زمن
حتى صارت الأشباح
تشبهك .
سالم العوكلي
28 / 7 / 2009