الخميس، 7 مايو 2009

سالم العوكلي ــــــــــــ اللوحة للفنانة ظلال غزلان



هنري ميللر
يقول هنري ميلر في لقاء معه : أتمنى هذه الأيام إعادة قراءة حياة غوته ، وقصة حبه الأخيرة ، أريد أن أعرف بماذا أحس ـ ذاك الرجل العظيم والأوروبي العظيم ـ عندما وقع في غرام فتاة صغيرة رفضته ، في حين كان العالم بأسره يعتبره إلهاً .
رينيه دو مونترلان صاحب خماسية الصبايا والتي قرأتها بشغف في الثمانينات ، عرفت فيما بعد كيف أنتهت حياته ، رجل كان معبوداً للنساء للدرجة التي كان يملي شروطاً غريبة على من يراسلنه طلباً لقضاء ليلة واحدة معهن ، وعندما طاردته فتاة بعد أن تركت الكنيسة من أجل ليلة واحدة تقضيها معه ، قال لها من أرغب فيها يجب أن تكون : شقراء ، وطويلة ، ومكتنزة الوسط ، وغير مثقفة .. الخ ، وانت للأسف لا تملكين أياً من هذه المواصفات ، ويتحدث في الجزء الأخير من خماسيته عن رفيقته المغربية خديجة المصابة بالجذام ويعتبرها أفضل علاقاته على الإطلاق لأنها كانت تضاجعه دون أن تناقشه عن كتبه ، أو بالأحرى دون أن تعرف أنه كاتب .. هذا الرجل بعد أن بلغ الستينات تعثر في الشارع وسقط ، فضحكت فتاة جميلة كانت تمر بقربه ، ومن لحظتها عرف أن حياته يجب أن تتوقف ، فابتاع مسدساً وتابوتاً ، رقد في التابوت وأطلق عياراً على رأسه بعد أن ترك ورقة صغيرة حول الحادثة ،
هنري ميللر ـ الذي أحب في بداية مراهقته امرأة تكبره بخمس عشرة سنة ، وهو الحب الذي يسميه شفقة : (إنها تجربة حب باعثة على الرثاء لأنها تقوم على الرأفة ولم أكن قادراً على فراقها وذلك رأفة بها ، لا أريد تحطيمها وكل هذا بالنتيجة سيء جداً) ولاحقاً كما يقول كانت نساؤه أصغر منه سناً ـ يتمنى أن يعرف إحساس رجل عظيم رفضته فتاة صغيرة .. لا أعرف إن كان إحساسه مثل زوربا الذي يستمتع بالعلاقات حتى وإن كانت تقوم خارج جسده ، أو مثل فتحي الشويهدي الذي ترى بريق الفرح في عينيه عندما يحدثه آخر عن مغامرة جسدية ، وكأنك تحدث بدوياً عن سقوط أمطار حتى وإن كانت في أرض بعيدة عنه ، أم كان إحساس غوته مثل الطغاة الذين اعتقدُ أن طغيانهم متأتي عن حالات رفض مثل هذه ، هنري ميلر يبدو أنه لم يختبر مثل هذا الشعور ، لذلك أحب أن يقرأه في تجربة عظيم آخر أحس للحظة بأنه جدير بأن يحصل على كل شئ ، كانت ألوهيته تتأتى من منجزه الإبداعي المرتبط بالخلق ، لكن ثمة ألوهية أكثر رهبة وسمواً تنبع من كونك قادراً على أن تحب وبعمق في أي سن من عمرك، حتى وإن كان هذا الحب من طرف واحد ، عندما تحاصر امرأة تعتقد أنها وحيدة بلسانك المعسول وكل ما وهبتك البلاغة والشعر والتجربة ، وترد عليك بهدوء : أنت مثل أخي ، عليك أن تكتشف في هذه الهزيمة أشياء لا تقدر بثمن ، ولا تقارن بهزة سرير، ثمة دائما افتراضات خاطئة يجب أن تصفعك على وجهك ، ويقين يلوي في يدك مثل سلك نحاسي ، كان من البديهي والمنطقي والمسلم به أن تستجيب تلك الفتاة الصغير النكرة لرغبة غوته وتدخل التاريخ ، لكن المنطق يضرب في الصميم ، لأن الفتاة من الممكن أن تعبد غوته دون أن تعطيه روحها ، الروح ملكية خاصة ومنحها حتى للإله يعني فقدانها ، علينا أن نحاصرها داخلنا لننعش بها الجسد ، ونحفر فيها أوهامنا المبجلة . أحب هنري ميلر أن يعرف إحساس غوته ، لكن أحب أنا أن أعرف إحساس تلك الفتاة ، فأحاسيس غوتة نابعة من التاريخ والهالة والسلطة . نحن كثير اً ما نأسف دائماً لزواج غير متوازن ونرجعه لأصله المرضي ، عقدة إلكترا ، أو عقدة أوديب .. يبدو أن الحياة علمتنا التوازن ، والعلاقات المنطقية بشكل يجعلنا نعتبر كل ما ينتهكها مرضاً .. عقدنا مرة ندوة على هامش إحدى المهرجانات ، مجموعة من الكتاب الليبيين والعرب ، وكان المحور الأساسي ؛ أن يحدثنا كل شخص عن تجربته الجنسية الأولى ، وتسعون في المائة من التجارب كانت اغتصاباً في بداية الصبا من نساء ناضجات ، هل يرجع ذلك لضغط مجتمعات الكبت ، أم لعقدة أوديب مقلوبة ، أم للجو الآمن الذي يحيط بهذا الطقس بالنسبة للنساء ، أم لطقس أمومي يختبر نكهة اللذة المحرمة .. ما أعرفه أن التوازن والمنطق يضرب في صميمه ، وأن تجاربنا الأولى لا تخلو من الجنون الذي نستقبله بدهشة يشوبها الخوف .

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

للنص فلسفة غريبة فيها اجحاف في تصوير الانثى واعتزاز بطلنا بذكورته جعله يقتل نفسه لتعثر اثار ضحكة بوجه صبية عابرة

اسف على تعليقي ولكن لا يطربني هذا النغم

جمال غ

فريحة صالح يقول...

ذكرتني بهنري الثامن وزوجته السادسة كاترين..التي عادت الى حبيبها بعد اسبوعين من تشييع جثمانه!!!

غير معرف يقول...

العزيز سالم
جميل ذكر الرائع فتحي الشويهدي الفنان اللماح و الإنسان الرائع .. هناك ملاحظة لمست انقطاعات في النص كما لو أن بعض جمله سقطت منه
عبدالله هارون